شارك حوالي 1600 باحث ومتخصص من بلدان مختلفة في تحرير 14 مجلداً نشرت بكاملها من موسوعة (إيرانيكا)، أضخم وأشمل مجموعة دراسات في مجال التاريخ والثقافة الفارسية، شُرع في تدوينها منذ 36 عاماً في قسم الدراسات الإيرانية بجامعة كولومبيا الأميركية، ويتوقع إنهاء العمل في هذه الموسوعة الحضارية بعد حوالي 12 عاماً من الآن.
يترأس الدكتور إحسان يار شاطر أستاذ اللغة والأدب الفارسي فريق العلماء والباحثين والكتاب المشتغلين في إنجاز موسوعة (إيرانيكا)، ومن أعضاء ذلك الفريق الكبير توجد الدكتورة حورا ياوري، ومهمتها مراقبة وتدقيق معلومات الموسوعة بجامعة كولومبيا الأمريكية، وللتعرف على الموسوعة وطريقة عملها، ترجمت "العرب" الحوار الذي أجري أخيرا مع ياوري:
* السيدة ياوري، متى وكيف بدأ تحرير موسوعة (إيرانيكا)؟
- بدأ العمل في موسوعة إيرانيكا قبل 36 عاما في جامعة كولومبيا الأميركية، كان المشروع في البداية محدودا، لكن بمرور الوقت تطور بحيث شمل كل المناطق الجغرافية التي تكلمت باللغة الفارسية أو إحدى لهجاتها في الماضي، بالإضافة إلى كل الشخصيات التاريخية التي أثرت في اللغة الفارسية، وبهذا الشكل توسعت آفاق الموسوعة بتوسع الحضارة الفارسية عالمياً.
وقد نشر حتى الآن 14 مجلدا من (إيرانيكا)، والمجلد 15 في طريقه إلى النشر، والجدير بالذكر أننا استفدنا في عام 2002 من التقنيات الإلكترونية الحديثة، مما جعلنا نختصر المدة الزمنية المتوقعة لإكمال الموسوعة، بحيث أصبحنا نطلب المقالات خارج الترتيب الألف بائي، وبتعبير أوضح، وصلنا في المجلدات المنشورة إلى حرف (e)، ولكننا وضعنا الكثير من المقالات والمداخل التي لم يصل دور طبعها مجانا تحت تصرف القراء في موقع الموسوعة الإلكتروني.
ونظراً لنجاعة الإمكانات التي نستخدمها اليوم، استطعنا تقليص المدة اللازمة لإنهاء الموسوعة إلى الثلث، بمعنى أننا قلصنا المدة من 35 عاما إلى 12 عاما، ونتمنى أن ينتهي العمل في أقل من ذلك.
* هل ستنشر هذه الموسوعة باللغة الفارسية أيضا؟
- لقد تم نشر عدد من المجلدات باللغة الفارسية في إيران، وهي عبارة عن مقالات مختارة من الموسوعة الأصلية، اجتهد المترجمون في اختيارها وترتيبها، مثلا المقالات المتعلقة بالعلاقات الإيرانية الألمانية، وتاريخ صناعة الزرابي في إيران، والأدب الفارسي القديم وغيرها، وقد بذل الدكتور بيمان متين جهودا شخصية كبيرة لترجمة الكثير من تلك المقالات، لأن هناك صعوبات تقنية جمة تحول دون ترجمة كل الموسوعة، منها الاختصار واللغة والمصطلحات التقنية المستخدمة في الموسوعة. ويبقى مطلب ترجمة الموسوعة كاملة إلى اللغة الفارسية حاضرا، وهو من مشاريعنا المستقبلية.
* ماذا عن عمل فريق الباحثين والكتاب والمراجعين، وعلى أي أساس يتم اختيارهم؟
- حتى العام المنصرم أسهم في تحرير الموسوعة أكثر من 1600 متخصص، وتتوفر منذ بداية عملها على هيئة استشارية دولية، إضافة إلى 43 استشاريا آخر، ويتم التشاور معهم بخصوص المجال العلمي الذي يتخصصون فيه، إذ نطلب من المتخصص أن يوافينا بفهرس للمقالات التي يمكن أن نحررها في مجال معين، إضافة إلى أسماء مؤلفين يعرفهم في المجال نفسه، وبالتشاور مع مكتب الموسوعة يتم الاتفاق على الخطة النهائية للعمل، وآخر خطوة في سلسلة عملنا هي دراسة ونظر الدكتور يارشاطر، التي على أساسها نحدد الطلب.
* هل يوجد في هيئة تحرير ومراجعة الموسوعة متخصصون غير إيرانيين؟
- في مكتب الموسوعة وفي هيئة المستشارين ليس هناك أي اعتبار للفروق الثقافية والقومية، الاعتبار الوحيد الموجود هناك هو المعرفة والتخصص والقدرة على الاقتراح والبحث والعمل، فالمشروع يجمع المتخصصين الإيرانيين، والألمان والروس والبريطانيين وغيرهم، والجميع يساهم بحسب تخصصه، ثم إن كتاب إيرانيكا موزعون في كل جهات العالم، لذلك نطلب من الكتاب أن يحرروا مقالاتهم باللغة الإنجليزية، حتى لا تضطر إيرانيكا إلى ترجمة المقالات على حسابها، ورغم ذلك نتوصل بمقالات كتبت باللغات: الصينية، التركية، الروسية، الألمانية، الإيطالية، الفرنسية.. يعني أننا في إيرانيكا لا نهتم سوى بالمعرفة ولا شيء سواها.
* لماذا اخترتم اللغة الإنجليزية لتحرير موسوعة (إيرانيكا)؟
- رغم أن قرار تأليف الموسوعة اتخذ في إيران، إلا أن نواتها الأولى أسست في جامعة كولومبيا، لذلك كان من الطبيعي أن تعتمد اللغة الإنجليزية في تحريرها لأنها لغة البلاد، وليس بعيدا أن أصحاب الفكرة المؤسسين الأوائل أدركوا مبكرا المستقبل القوي والمزدهر للغة الإنجليزية، والأهم من كل شيء هو أن تحرير الموسوعة باللغة الإنجليزية سيمكنها من الانتشار العالمي، وهذا سيخدم الحضارة الفارسية بشكل جيد، بينما اللغة الفارسية لن تستطيع أن تحقق كل تلك المزايا.
* كيف يتم تأمين تمويل الموسوعة؟
- في بداية تأسيس موسوعة إيرانيكا كانت الحكومة الإيرانية حينئذ هي التي تمول المشروع، وذلك من خلال دفع مبلغ مالي محدد لجامعة كولومبيا، التي تتكفل بمصاريف الجامعة، وبعد التغيير الذي حصل في إيران، تم اللجوء إلى المنظمات الثقافية الدولية التي تقدم مساعدات في هذا الجانب، وليس لديها أية أهداف سياسية، في الولايات المتحدة الأميركية مثلا هناك منظمة (المساعدات الوطنية للإنسانية)، وهي مؤسسة تدعم ماليا المشاريع العلمية والثقافية، وقد استفادت موسوعة إيرانيكا من أكبر دعم تقدمه هذه المنظمة، نظراً لتقدير خبرائها لأهمية مشاريعنا، الأمر الذي لم يحدث كثيرا مع باقي المستفيدين.
أما جامعة كولومبيا فقد وفرت للموسوعة مكان العمل، الهاتف، الماء، الكهرباء، وأجور بعض الموظفين، لكننا طوال السنين الماضية كنا نتكئ أكثر على مساعدات الإيرانيين المقيمين خارج إيران، أولئك الذين يحبون المعرفة والحضارة الإيرانية ويفتخرون بها.
05-11-2009, 07:43 PM
المواضيع المتشابهه
ماهى 
