عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-2014, 04:45 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
أبو آدم التونسي
اللقب:
موقوف
الرتبة


البيانات
التسجيل: Mar 2014
العضوية: 20200
المشاركات: 43 [+]
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
أبو آدم التونسي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو آدم التونسي المنتدى : الحضارات العامة
افتراضي



منذ وصول هؤلاء الأعراب، فكّر الملوك الأمازيغ في استعمال هذه القوّة الجديدة في حروبهم ضدّ بعضهم البعض، وبعيدا عن التشنّج من دخول هؤلاء الأعراب الشما أفريقي، فإنّ الملك الزيري بحث عن تحالف معهم لمحاربة أبناء عمومته الحمّاديين، إلى درجة أنّه زوّج إحدى بناته بشيخ عشيرة رياح، ومع ذلك فإنّ هؤلاء الأعراب حاربوا الزيريين مرّتين في 1050 وفي 1052 في القيروان ونشروا الفوضى في كلّ مكان، وأصبح بعض قادتهم "ملوكاRoitelets" على قرى محدودة، وأخيرا دخلوا في حروب ضدّ بعضهم (أثبج ضدّ رياح وحمّاديون ضدّ زيريين!).
ظهرت قوّة سياسية مذهبية جديدة(1152) بعد قرن من وصول الأعراب، وهي القوّة الموحّدية التي جعلت من أبرز مهامّها إنهاء حالة الفوضى التي نشرها الأعراب،وتحرّك الجيش الموحّدي لفرض الأمن، فقضى على الأعراب في عدّة جهات،وعندما جمّعوا قواهم في سطيف سحقهم الجيش الموحّدي وقام بتوزيعهم في عدّة جهات لدمجهم والقضاء على شغبهم،ومع ذلك بقي البعض منهم يمثّل قوّة خاصّة عندما عقدوا أحلافا مع بعض كبريات القبائل الأمازيغية(38)، إلى درجة أنّ الحفصيين خلفاء الموحّدين في تونس لم يستنكفوا من استعمال الأعراب لتدعيم سلطانهم، ومثلهم فعل يغمراسن في تلمسان والمرينيون في فاس.
كان دخول هؤلاء الأعراب إلى الأرياف عاملا في خرابها، وتدهور العمران بسبب النهب والتدمير الذي تعرّضت له المدن في إفريقيّة خاصّة ، إلى الحدّ الذي جعل ابن خلدون يشبّههم بالجراد الذي يدمّر كلّ شيء يعترض سبيله (30).
من الغريب حقّا، بل من العجيب أن يحدث تحوّل إثنو-سوسيولوجي في شعب يعدّ بالملايين من قبل بضعة آلاف من البدو،وإذا أخذنا في الاعتبار المعلومات التي دوّنها فيكتور الفيتي (
VictordeVita) فإنّ عدد الوندال كان 80000 ، وهو عدد مساو تقريبا لعدد الأعراب الذين اكتسحوا أفريقيا في القرن الحادي عشر ، فما ذا بقي من الوندال في أفريقيا بعد قرنين من غزوهم لها ؟ . لقد محا الاحتلال البيزنطي الوجود الوندالي نهائيا وقد بحثنا عن المنحدرين من أولئك الوندال على امتداد أفريقيا ولكن دون جدوى، أمّا آثار اكتساح الأعراب للمغرب في القرن الحادي عشر فهي قويّة وبادية للعيان: استعراب القسم الأكبر من الشمال الأفريقي واعتبار دوله عربية ؟ .
ليس تراجع الأمازيغ من السهول نحو الجبال ولا خصوبة الأعراب هي التي تفسّر هذا الاستعراب(40) اللغوي العميق، فهؤلاء الأعراب وجّهوا في المقام الأوّل ضربة قاضية للحياة الحضرية من خلال النهب والتخريب والرعب الذي زرعوه في الأرياف الواسعة،كما أنّهم دفعوا الرحّل الزناتيين- وهم الذين يسمّهم غابريال كامبس البربر الجدد (
Néo berbères)- الذين يشبهونهم في نمط العيش، إلى دخول إفريقيّة ونوميديا منذ القرن الحادي عشر، وهؤلاء الزناتيون مهّدوا لبداوة الأعراب فأقاموا بيئة مناسبة لأعراب هلال وسُليم ومعقل، ممّا سهّل على الأعراب في وقت لاحق دمج هؤلاء الزناتيين، بما للعربية لغة القرآن المقدّس – التي يتكلّم أولئك الأعراب إحدى لهجاتها- من بريق، وبذلك أدمجت قلّة من الأعراب الكثرة الكبيرة من أولئك الزناتيين لغة وثقافة (41) .
إنّ التماثل في أنماط الحياة سهّلت الاندماج،وجعلت رحّل الأمازيغ يعلنون بأنّهم عربا، لكسب اعتبار ومكانة الفاتح،وحتّى مقام "الشريف" أي المنحدر من النبي (ص)،كما أنّ الاندماج تيسّر قانونا فعندما تعلن قبيلة أمازيغية الولاء الجماعي لصحابي مثلا يكون لها حقّ الانتساب إليه كشكل من أشكال التبنّي الجماعي، وهذا تقليد وجد عند الأمازيغ أنفسهم، وهو ما سهّل هذا المسار، ولا ننسى في هذا المقام قصّة تبنّي الكاهنة لأحد أسراها العرب واعتبارها إياه ابنا ثالثا لها(خالد العبسي) وعلى العكس نادرا ما نجد عشيرة عربية متبربرة.
لقد امتدّت حركة الاستعراب بين قبائل الأمازيغ الرحّل وخاصّة الزناتيون إلى درجة أنّنا لا نكاد نجد اليوم إلاّ القليل من اللهجات الزناتية البدوية مثل اللهجة التي يتكلّمها بعض سكّان الورشنيس أو واحات الصحراء الشمالية (امزاب)، وكانت المجموعات الأمازيغية القوية من رحّل هوّارة وسط تونس وشمالها قد استعربت نهائيا في القرن الخامس عشر وانضمّت إليها عشيرة سُليم، كما أشار إلى ذلك مارسي ومنذئذ أخذت تونس طابعها الإثني واللغوي الحالي. إنّها البلد الأكثر استعرابا في الشمال الأفريقي كلّه، أمّا في المغرب الأوسط فإنّ القبائل الزناتية المستعربة أو في طريق الاستعراب حلّت محلّ القبائل الصنهاجية التي هيمنت طويلا قبل ذلك، وأسّس بنو عبد الواد الزناتيون دولة في تلمسان كما فعل إخوانهم المرينيون في المغرب الأقصى بإزاحة آخر ملوك الموحّدين وأقاموا على أنقاضهم الدولة المرينية .
هناك عامل آخر للاستعراب أهمله مؤرّخو الشمال الأفريقي، وهو تفكّك القبائل التي كانت قد لعبت أدوارا هامّة، فقد تلاشت فاعليتها، واندمجت في الحركات العسكرية وفي الحملات التي أرسلت بعيدا عن مواطنها، مثل كتامة في القبائل الصغرى الشرقية التي كانت راسخة في إقليمها الجبلي،وساهمت كما رأينا في إقامة الخلافة الفاطمية،وقد جنّدت من أبنائها فيالق حاربت في كلّ أنحاء الشمال الأفريقي وصقلية ومصر،وقد توزّع أبناؤها في كلّ الحاميات العسكرية، وعدد كبير منهم قضى نحبه في تلك الحروب، ومن بقي من كتامة اليوم بقي معزولا في إقليمه الجبلي ما بين القلّ وجيجل تميّزهم لهجتهم الخليط من الأمازيغية والعربية .
إلى جانب مجموعات الأمازيغ الرحّل الذين استعربوا وأصبحوا عامل تعريب لباقي الأمازيغ، نضيف العامل السياسي،حيث لم يكن الأمراء والملوك الأمازيغ يتردّدون في استعمال الأعراب في صراعاتهم ضدّ بعضهم،فكأنّهم بذلك أطلقوا أيدي هؤلاء الأعراب في البلاد،فعاثوا فيها فسادا واكتسح الاستعراب البدوي(42) كل الجهات مصحوبا بالنهب والخراب، وهو الداء الذي سينخر الدويلات البربرية ذاتها، ومنذئذ انحصرت اللغة الأمازيغية في مناطق محدودة محتمية بالكتل الجبلية !، مع بعض الاستثناءات في التفاصيل، فقد ظلّت بعض السهول مجالا للرعي والترحال للرحّل الأمازيغ في الصحراء الوسطى والجنوبية (في الجزائر،مالي والنيجر) وفي الجنوب الغربي حيث قبيلة آيت عتّا المتمركزة في جبل سارغو،محافظة على نمط نصف بدوي أمازيغي،بين المجموعة المستعربة في تافيلالت [التي أنجبت العائلة الشريفية الحاكمة في المغرب] وبدو الرقيبات في الصحراء الغربية الذين هم خليط من الأمازيغ وأعراب معقل، وهذا دون نسيان الرحّل الأمازيغ من مجموعة آيت زيان في الأطلس الأوسط من قبائل: آيت زيّان ، بني مجيلد ، آيت سغروشن ….
إنّ اللغة الأمازيغية هي لغة الحضر أيضا كما هي لغة الجبليين، بل لا تزال في جزيرة جربة وفي المدن الميزابية الخمس (
Penta polis M zabites) وواحات توات وقورارة، وسهول الساحل الصحراوي التي يرتادها توارق كال غريس (KelGrès) وتوارق كال دينّك (KelDinnik) وتوارق أوليميذن (Ouillimiden) فهذه الجهات على غرار الجبال المغربية والقبائلية هي أيضا لا تزال ناطقة بالأمازيغية(43).
لا ينبغي أن نتصوّر بأنّ المستعربين في الشمال الأفريقي كلّهم بدو رحّل، فقد استقرّت مجموعات مستعربة منذ قرون وألفت حياة الاستقرار حول المدن وفي الأرياف القريبة منها،فسكّان الجبال الساحلية في شرقي الجزائر وشمالي تونس استعربوا منذ أمد بعيد حتّى قبل غزوة الأعراب، إلاّ أنّ الملاحظ هو أنّ المناطق التي لا تزال محافظة على اللغة الأمازيغية هي في الواقع في أغلبها مناطق جبلية أو نائية وهي كالحصن أو الملجأ للغة أجليت عن مدن السهول الخصبة التي استولى عليها الاستعراب البدوي، وهذا ما جعل الشمال الأفريقي في القرن التاسع عشر يواجه اختلالا عجيبا: جبال وتلال فقيرة آهلة بالسكّان يسكنها فلاّحون، وسهول خصبة واسعة يرتادها مربّو أغنام، فالجبال هي حصون الفلاّحين المزارعين المستقرّين الذين أجبرتهم غزوة الأعراب ورحّل الأمازيغ المستعربين على التخلّي عن أراضيهم في السهول (44).
يخطئ من تذهب به الظنون أنّ الزحفة الهلالية وحدها عرّبت الأرياف الأمازيغية، لقد بدأ الاستعراب من الحواضر منذ بدايات الفتح الإسلامي، واعتمدته الإدارة في كلّ الدول البربرية الإسلامية، ولذلك لم نر اصطداما لغويا بين أعراب الزحفة والأمازيغ، بل إنّ الاحتمال الكبير هو أنّ الأعراب تخلّوا تدريجيا عن لهجتهم التي كانوا يتحدّثونها في الشرق واندمجوا في عربية أفريقيا الشمالية، فهناك مؤشّرات عديدة ينبغي على المهتمّين والمتخصّصين في الألسنية أن يولوها العناية في هذا السياق(45).
مهما تكن أصول الأمازيغ المحافظين الذين يسكنون الجبال: زناتيون أو صنهاجيون أو كتاميون فإنّهم يمثّلون كمّا ديمغرافيا كبيرا في أراضي محدودة المساحة والانتاج، وهو ما يدفع إلى الهجرة نحو الجهات المستعربة خاصّة من الجبال القبائلية نحو مدن الداخل، وهذا ما يجعل هؤلاء يفقدون لغتهم الأمازيغية عند الاستقرار هناك،حيث ظروف الحياة مغايرة وحيث تعقَد الزيجات المختلطة (46) ، وهذا أيضا من عوامل تفاعل الاستعراب الذي لم يتوقّف إلى الآن، مع أنّ هذا الاستعراب كان يمكن أن يتفاعل وأن يتسع دون أن يطمس الركيزة الثقافية الأولى للشعب، وإذا أضفنا عشرات الآلاف من المعلّمين الذين استقدمتهم بلدان الشمال الأفريقي (خاصّة ليبيا والجزائر) من الشرق الأوسط بعد استقلالها على امتداد سنوات لتعريب شعبها الأمازيغي نعرف حجم ما تواجهه اللغة الأمازيغية التي تحتضر الآن وتعيش آخر أيّامها (47).
كرونولوجيا ما قبل تاريخ وتاريخ الأمازيغ القديم

•10000 ق.م. انتشار الثقافة الإيبيروموريسية (
Ibéromaurusien) في الشمال الأفريقي .
•7000-5000 ق.م.الثقافة القفصية، ظهور المتوسّطيين أسلاف الأمازيغ.
•6000-2000 ق.م. الحضارة النيوليثية في الشمال الأفريقي.
•3000 ق.م. الوثائق الأثرية المصرية تسجّل وقائع المواجهة الحربية بين الفراعنة والتحنو (
Tehenu) وهم فريق من الليبيين (الأمازيغ القدامى).
•1300 ق.م. الفرعون رمسيس
II يجنّد الليبيين (الأمازيغ) في حروبه ضدّ الحثيين (Hittites).
•1189 رمسيس
II يوطّن الليبيين في ممفيس (Memphis) ومصر الوسطى تصبح تحت سيطرة الليبيين.
•1000 ق.م. حصول الفينيقيين على امتياز التمركز التجاري في سواحل الشمال الأفريقي غربي السيرت ومثلهم الإغريق شرقي السيرت .
•950 ق.م. شيشونق الأمازيغي يعتلي العرش المصري ويؤسّس الأسرة الفرعونية الـ
XX.
•814 ق.م. تأسيس قرطاج (امتياز تحصّلت عليه الأميرة الفينيقية إليسا من الملك الأمازيغي يارباس مقابل دفع أتاوة سنوية).
•500 – 400 ق.م. المصادر الإغريقية تشير إلى وجود ممالك أمازيغية (ممالك الماسيل والماسيسيل والمور).
•القرن الخامس ق.م. قرطاج تعلن استقلالها،التوقّف عن دفع الأتاوة للملوك النوميد والتوسّع في الحوض الغربي للمتوسّط والرحلات الاستكشافية في المحيط الأطلنطي.
•331 ق.م. حملة أقاثوكليس على قرطاج ، أيليماس ملكا على الليبيين.
•289-286 ق.م. بداية الحرب البونية الأولى.
•241-237 ق.م. الفرق المساعدة في الجيش القرطاجي وهي في أغلبيتها الساحقة من العنصر الأمازيغي تثور على حكم الأوليغارشية التجارية في قرطاج بسبب تخلّيها عن التزاماتها تجاههم (الحرب التي لا تغتفَر، إبادة أكثر من 20000 أمازيغي والتنكيل بالقائد الأمازيغي ماطو من قبل القرطاجيين.
الممالك الأمازيغية :
•220 ق.م. سيفاكس ملكا على النوميد الغربيين (الماسيسيل) .
•التحالف والتحالف المضادّ: قرطاج تدعم سيفاكس ضدّ ماسينيسا الذي فقد عرشه وكاد أن يذهب ضحيّة تلك الحرب.
•ردّ فعل ماسينيسا: قبول عرْض الرومان التحالف معه، انتصاره وهزيمة سيفاكس وتوحيد الماسيل والماسيسيل في دولة واحدة هي المملكة النوميدية على رأسها الأقلّيد ماسينيسا.
•203 ق.م. هزيمة القرطاجيين في معركة زاما.
•148 ق.م. وفاة الأقليد ماسينيسا، الوصية لأبنائه الثلاثة.
•148-118 ق.م. ميسيبسا (مكّوسن) ملكا على نوميديا الموحّدة.
•146 ق.م. سقوط قرطاج، الرومان يحرقون المدينة ويزيلونها من الوجود.
•134 ق.م. يوغرطة يثبت جدارته العسكرية في حرب نومنتيا (
Numantia).
•118 وفاة الأقليد ميسيبسا، الوصية لولديه يمبسال وأدربال وابن أخيه يوغرطة الذي تبنّاه.
• 112 ق.م. يوغرطة ينفرد بحكم المملكة.
•112-104 الرومان يتدخّلون في شؤون المملكة النوميدية،ونشوب الحرب بين الطرفين.
•104 ق.م. الغدر بيوغرطة وتسليمه للرومان .
• 104-46 ق.م. نوميديا تدخل مرحلة التبعية للرومان.
•42 ق.م. انشقاق في الأسرة الملكية،تدخّل الرومان والقضاء على المنشقّ يارباس (
Hiarbas) .
•46 ق.م. الملك يوبا الأول ذو النزعة العسكرية الاستقلالية يتحالف مع أنصار الحزب الأرستقراطي الروماني أملا في تحرير أفريقيا من الاحتلال الروماني ولكن انهزام حلفائه قضى على طموحه، سقوط المملكة النوميدية ، تحويل جزء منها إلى مقاطعة رومانية باسم أفريقيا الجديدة (
Africa Nova).
•الفترة الرومانية :
•44-41 ق.م. الأمير أرابيون يواصل المقاومة إلى أن قتل غدرا من قبل حليفه الروماني سكستيوس.
•17-24 بعد الميلاد، ثورة قبائل الموسولام(
Musulamii) في المنطقة الأوراسية بقيادة زعيمها تاكفارين.
•25 بعد الميلاد ، يوبا الثاني نجل يوبا الأول يتولّى عرش موريتانيا تحت التبعية لروما.
•42 بعد الميلاد اغتيال بطليموس آخر ملك من السلالة النوميدية وضمّ المملكة الموريتانية إلى الإمبراطورية الرومانية.
•القرن الثاني الميلادي، الرومنة الثقافية، ظهور الجيل الأول من الأفريقيين (البربر) المترومنين (أبوليوس المادوري، فرونطون السيرتي ...) .
•202 اضطهاد المسيحية في أفريقيا من قبل الأباطرة الرومان.
•305 الحركة الدوناتية وتعبئة الشعب الأفريقي ضدّ الاحتلال الروماني.
•313 الإمبراطور قسطنطين يعتنق المسيحية، نهاية الاضطهادات وبدايات الصراعات المذهبية.
•347 الدوناتية وجناحها العسكري (
Circoncelions) تخوض حرب الاستنزاف صدّ الاستعمار الروماني.
•372-376 ثورة الأمازيغ بقيادة فيرموس.
•396 ثورة الأمازيغ بقيادة قيلدون (
Gildon) (تحريف للاسم الأمازيغي أقلدون أي الأمير الصغير).
•الغزو الوندالي :
•429 نزول الوندال في البر الأفريقي .
•434 حصارهم لهيبون وفاة القدّيس أوغسطين.
•439 سقوط قرطاج.
•اضطهاد الكاثوليك وفرض المذهب الأريوسي.
•480 – 483 تحرير أقاليم كثيرة وانحصار الاحتلال الوندالي في شمال تونس الحالية إلى هيبون.
•القرن الخامس انقسام الشمال الأفريقي إلى ممالك قبلية .
•الغزو البيزنطي :
•530 القضاء على الوندال ومحاولة التوسّع نحو الداخل.
•540 مقاومة الملك الأمازيغي يابداس ضدّ البيزنطيين.
•حصار الثائرين الأمازيغ لمقرّ الحاكم البيزنطي في قرطاج.
•اضطرابات دينية.
خاتمة
ماذا تقدّم لنا الهوية،سؤال سيطرَحه كلّ من يطّلع على مثل هذه الدراسة وقد ينبري بعض مريدي الأيديولوجيات الواردة من هنا وهناك لشرح المسألة من حيث هي خطيرة وتحويلها إلى عرقية مقيتة باستعمال بعض المفردات التي تخلط بين الهوية والعنصرية، وتصف كلّ فكرة مخالفة بأنّها من صنع عملاء الاستعمار ...الخ، ومع ذلك فإنّ القضايا التي تثير السؤال في حدّ ذاتها هي قضايا في غاية الأهمّية، في أمّة تكره السؤال، والحال أنّ الهوية هي أساس متين تقوم عليه الأمم والدول، تبني الفرد المخلص للوطن المنافس للآخرين في بنائه، الهوية تساهم في خلق مجتمع منسجم يمتلك ثقافة التعاون والتكامل، الهوية رسالة الأجداد إلى الأحفاد لصون الوطن، وخيركم خيركم لأهله كما جاء في الأثر الشريف، وكلّ أمم العالم المتقدّم بنت قوّتها على هويتها؛ أمّا الشعوب التي فرّطت في ذاتها وهويتها فقد أنتجت أجيالا لا تشعر بانتمائها إلى وطنها، لأنّ اصطناع الهوية يشدّ الفرد خارج وطنه، ولعل من حسن الظروف ان تتحرر الكثير من الشعوب قبل ظهور بعض الايديولوجيات التي تستهين بقدسية الانتماء للوطن حتى بلغ الامر حد الدخول في صراعات تغامر بوحدة الوطن وعزته وسلامته.

هوامش وتعاليق

(1) لم نجد في كلّ المصادر القديمة اسم بربر كاسم إثني لأهل شمال أفريقيا،وقد اعتبر ابن خلدون هذه الكلمة عربية مصدرها بربرة أي الكلام غير المفهوم،وهي بذلك لا علاقة لها بالكلمة الإغريقية
Barbaroi،والحال أنّ التصنيف اللغوي له وجود عند العرب فهم الذين سمّوا الفُرس عجما أي الذين لا يُفهَم كلامهم كالعجماوات .
(2) الليبيون في هذه الدراسة هم الأمازيغ وهي التسمية التي نجدها في المصادر الكلاسيكية الإغريقية.
(3) وهم الذين تشير إليهم بعض الدراسات باسم البرابر (
Braber) بسكون الباء الأولى ، ينتشرون ما بين واحات تافيلالت وسفوح الأطلس الكبير
(4) كان المستشرقون الأولون الذين رافقوا الحملة الفرنسية على الجزائر أو واكبوا بدايات الاحتلال مستعربين في الغالب وقد وجد هؤلاء أنفسهم أمام وضع أنثروبولوجي ولغوي على غير ما كانوا يتوهّمون وهذا الوضع هو الهوية الحقيقية للشمال الأفريقي الذي اعتقدوا في البداية أنّه لا يختلف عن بلدان الشرق الأدنى ولا ننسى هنا أنّ أول وثيقة فرنسية باللغة العربية وهي المنشور الدعائي الذي وزّع عشية الاحتلال كتب بلهجة مشرقية، هذا ما دفع روّاد الاستشراق إلى العناية بلهجات اللغة الأمازيغية فظهرت في هذا المجال دراسات هنري باسي (1892-1926)
Henri Basset ثمّ أندري باسي (1895-1956) وهما ولدا روني باسي (1855-1924) يضاف إليهما الأخوان مارسي : وليام (1872-1956) و جورج (1876-1962) ، وتبعهم آخرون، ولكن كلّ هؤلاء لم يخرجوا التراث الأمازيغي بل وحتّى العربي عموما من الإطار الفولكلوري بسبب نزعتهم الاستعمارية.
(5) ينبغي في هذا الموضوع مراجعة مقالنا : القاعدة المشتركة للكتابات واللغات : مقاربة في أصول الكتابة الليبية، في مجلّة الحوار الفكري صادرة عن مخبر الدراسات التاريخية والفلسفية، جامعة منتوري قسنطينة العدد 8 ، ديسمبر 2006 ص ص 168-178.
(6) نقصد بالأخلاط العشائر التي تنتمي إلى قبائل قديمة حدث تفكّك في بناها التقليدية فشكّلت تجمّعات قبَلية جديدة إمّا على أساس ديني مثل القبائل المرابطية التي يجمعها نسب رمزي وهي القبائل التي يبدأ اسمها بأولاد سيدي ... وهي قبائل عديدة وكبيرة تشكّلت من إخوانيات (
Confréries) يجمعها الولاء لشخص المرابط ثمّ تحوّلت مع الزمن إلى فرق وعشائر ابتكر لها المرابط شيخ الطريقة نسبا يدعم تضامنها وتفخر به ويضمن ولاءها الدائم للمرابط على الخصوص.
(7) يمتدّ إقليم الشاوية من عنابة شمالا إلى واد سوف وبوسعادة جنوبا إلى سطيف ومسيلة غربا والملاحظ أنّ الاستعراب يطوّق هذا الإقليم ويقتطع منه في كلّ جيل جزءا هامّا، وحتّى المدن الواقعة في أطرافه وفي داخله هي مراكز استعراب، ولكنه استعراب اللسان أمّا الأعراف والنظم الاجتماعية والتقاليد والعادات والفولكلور عامّةً فلا يزال أمازيغيا كما هو.
(8) نقصد بالأمازيغ المحافظين، أولئك الذين لايزالون يستعملون اللغة الأمازيغية في حياتهم اليومية، تمييزا لهم عن الأمازيغ المستعربين الذين تخلّوا نهائيا عن استعمالها منذ أجيال، في ظروف تاريخية معيّنة، ومن الملاحظ اليوم أنّ أغلب الأمازيغ المحافظين هم في الواقع مزدوجو اللغة أي أنّهم يتكلّمون الأمازيغية والعربية الشعبية بلهجاتها المختلفة،ولا فرق بينهم وبين المستعربين وهذا بحكم المدرسة والإعلام… فهل هذه الازدواجية محطّة انتقال نهائي إلى استعراب تامّ، أي التخلّي نهائيا عن استعمال الأمازيغية ومن ثمّ انقراض هذه اللغة ؟.
(9) لم نجد في الجيل الثاني المستعرب من يهتمّ بانتمائه الأمازيغي، وبالنسبة إلى هؤلاء فإنّ ذلك الانتماء في أحسن الأحوال ما هو إلاّ "وضع" تمّ تجاوزه ولا يمكن التفكير فيه أمّا الجهات التي استعربت منذ أجيال فهي في الغالب لا تكاد تعرف شيئا عن ذاتها وعن مسارها التاريخي في مجتمع تسيطر عليه الشفوية.
(10) هي معجزة حقّا أن تنجو الأمازيغية من عاديات الزمن وتصل إلى القرن الواحد العشرين رغم عدم وجود سند من الدين أومن السياسة يدْعمها،وعلى العكس من ذلك شنّت عليها حرب أيديولوجية في عهد استقلال دول الشمال الأفريقي تحت غطاء معاداة الاستعمار،مع أنّ الاستعمار ظلّ في هذه البلاد فترة طويلة ولم يفعل لها شيئا سوى بعض الدراسات التي لم تخْرجْها من دائرة الفولكلور.
(11) كان الراحل غابريال كامبس أحد المبادرين إلى تأسيسها وظلّ يعمل بجدّ وتفانِ في تحرير مادّنها، ولا يزال الفريق العامل بها يواصل العمل لإكمالها .
(12) تنظر العامّة اليوم نظرة أفقية ونظرا لما تختزنه الذاكرة من ذكريات ليست دائما حسنة فهذه المجموعة السكانية أو تلك تستنكف أن يكون بينها وبين مجموعة أخرى أيّ رابط خاصّة إذا كانت قد تخلّت عن لغتها الأمازيغية منذ أجيال هنا يظهر التنكّر بجلاء، ويعتقد هؤلاء وهم مخطئون أن الفوارق اللغوية دليل على فوارق في الأصول ... .
(13) نقصد الدراسات الألسنية الفيلولوجية المتخصّصة لا كما رأينا في بعض الكتابات السياسوية المؤدلجة التي أقحمت نفسها في ما لا تفقه فيه وهي كتابات يمكن وصفها بالكاريكاتورية الساذجة على طريقة "شكسبير الشيخ الزبير" فوجدنا من يتصدّى للتأليف لإثبات أنّ ثامطّوث من الطمث وأرقاز من الركيزة ...الخ من هذه الترّهات لتمرير بعض الطروحات البائسة.
(14)
Camps (G.), Comment la Berbérie estdevenue Le Maghreb Arabe, in Revue de l’Occident musulman et de laMéditerranée, n°35, Aix-en-Provence, 1983, pp. 7-24.
(15) مثل الرُّوضا من اللاتينية (
Rota) وهي العجلة والريبا (Ripa) وهو المنحدر وأورثو (Hortus) وهو البستان.
(16) هذه النسبة التي يقدّمها الباحثون تخصّ اللهجة الأمازيغية المحكية في بلاد القبايل، ولكن يمكن استرجاع المفردات التي حلّت محلّها كلمات عربية أو فرنسية لو أنّ اللغة الأمازيغية استفادت من المدرسة ووسائل الإعلام على غرار اللغات الأخرى.
(17),
La Langue Berbère, In l Afrique et l Asie, 1956 .-Basset(A.)
(18) مثل هذه النظريات التوفيقية التي تعود إلى القرنين
XIX و XXلا تلقى تأييدا كبيرا،لأنّها كانت تؤسّس لفكرة قبول كيان إسرائيلي في فلسطين ليجد القبول من شعوب المنطقة والدليل أنّ جلّ العاملين في هذا الحقل المعرفي هم من اليهود.
(19) استعملنا عبارة : متبربرون في مقابل العبارة :
Berbérisantsبمعنى المتخصّصين في اللغة البربرية.
(20)
Ch. E. Dufourcq, «Berbérie et Ibérie médiévales, un problème derupture », in Revue historique, 488, oct.-déc.1968, pp. 293-324
(21) لقد أسس الإسلام إمبراطورية واسعة ضمّت شعوبا وأمما عديدة، وقد استغلّ الفقهاء ما للدين من قوّة فدعّموا السلطة السياسية في تعريب السريان والكلدان والأنباط والأقباط والأمازيغ وعندما أخذت تلك الشعوب تعمل من أجل استقلالها كال لها الفقهاء كلّ التهم من زندقة وهرطقة وردّة... وإذا كانت بعض الفئات قد تحمّلت القهر السياسي وحافظت على أديانها كالأقباط والموارنة والأشوريين فإنّ جماعات أخرى عبّرت عن إثنياتها باعتناق مذاهب إسلامية تصون تضامنها كدروز الشام ونصيرية الساحل وشيعة العراق فهي تجمّعات إثنية قديمة بواجهة دينية إسلامية.
(22) وجد القوميون العرب في إمبراطورية الإسلام مجالا لقلب تلك الإمبراطورية إلى أمّة بالمعنى الاصطلاحي الذي ظهر في أوربا في العصر الحديث ونحن نستغرب عندما يعتبر هؤلاء مصر القبطية الفرعونية وسوريا الفنيقية السريانية كبافاريا وبروسيا الألمانيتين، مع أنّ التشبيه الصحيح هو أنّ مصر وسوريا في هذا السياق هما مثل المكسيك والأرجنتين تجمعهما اللغة التي مكّن لها التاج الإسباني وليستا أمّة واحدة.
(23) وأكثر من ذلك قدّمت أفريقيا للثقافة اللاتينية في العصرين الوثني والمسيحي أكبر المبدعين وأرقى الأعمال الأدبية والفكرية الخالدة، وظلّت الملاذ الأخير للثقافة اللاتينية منذ أبوليوس إلى كوريبوس وفيكتور دي فيتا.
(24) توجد قرية شمال شرقي مدينة باتنة باسم جرمة كما أنّ إغرم في الأمازيغية تعني قرية.
(25) -
Ch. Courtois, « De Rome à l’islam », Revue africaine, t. 86, 1942, pp. 24-55
(26) اختفى هذا الاسم ولا ريب أنّ ثورة أبي يزيد التي تجنّد فيها عدد كبير من الجراويين قد شتّتتهم ليتوزّع عقبهم في كلّ أفريقيا الشمالية، مع أنّ بعض العائلات لا تزال تحتفظ بالانتماء إليها من خلال ألقابها مثل ألقاب قروي وجروي (
Gueroui et djeroui)...الخ.
(27) المور هو الاسم الذي ظلّ يُطلَق على الأندلسيين في الغرب الأوربي وفي اللغة الإسبانية هو اسم علم لكلّ المسلمين ، لأنّ العنصر العربي لم يكن إلا قلّة قليلة ولكن كان قويا بنفوذه وبالمكانة التي أنزله فيها المسلمون وهم الأمازيغ في معظمهم، ولمّا أقل نجم الإسلام في الأندلس ونزح منهم من نزح إلى موطن أسلافه عاد وهو مستعرب تماما وبذلك تلقّت حواضر الشمال الأفريقي هؤلاء النازحين الذين سيدعّمون استعرابها.
(28) نذكّر في هذا السياق بأنّ الكاهنة وقبيلتها جراوة على ما تقوله المصدر كانت على الدين اليهودي أمّا كسيلة فكان مسيحيا هو وقبيلته أوربة.
(29) نجد في المصادر اللاتينية ما يشير إلى أنّ المسيحية "الشمال أفريقية" سواء لدى الدوناتيين أو الأريوسيين مختلفة عن مسيحية الرومان والإغريق وأريوس ذاته مؤسّس المذهب الأريوسي هو من أصل ليبي أمازيغي على ما تذكر المصادر ومذهبه ينزّه الله ويعتبر المسيح نبيا.
(30)
G. Marçais, La Berbérie musulmane et l’Orient au Moyen Âge, Paris, Aubier, 1946.-
(31) و نذكّر هنا بالداعية أبي عبد الله الصنعاني الذي تمركز في أحد أقوى الأحلاف القبَلية الأمازيغية وهو حلف كتامة (قبايل الحدرة) في النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي وإذا كان المؤرّخون قد اعتنوا بالتاريخ المذهبي والسياسي للحركة الشيعية في أفريقيا الشمالية فإنّهم لم يولوا الاهتمام الكافي لذلك الانقلاب اللغوي الذي رافق انتشار المذهب الشيعي في كتامة،التي لا تزال تتكلّم لغة متميّزة هي تركيب عربي أمازيغي إلى اليوم رغم التأثير الذي تحدثه المدرسة ووسائل الإعلام يوما بعد يوم.
(32)
Marçais (W), « Comment l’Afrique du Nord a été arabisée », Annales de l’Institutd’études orientales d’Alger, t. IV, 1938, pp. 1-22 et t. XIV, 1956, pp. 6-17.
(33) -
Marçais (G), « Notes sur les Ribâten Berbérie », Mélanges André Basset, t. II, 1925, pp. 395-450
(34) من هناك كان قادة الحركة المرابطية يرسلون دعاتهم في صورة معلّمي قرآن وأئمّة، إلى مختلف جهات الشمال الأفريقي ومع الزمن أحاط بهم المريدون والإخوان فكوّنوا أسرا "مقدّسة" وتوطّدت علاقات المصاهرة بين المريدين والإخوان وهم أخلاط من مختلف القبائل الأمازيغية فتحوّلوا إلى قبائل وعشائر يبدأ اسمها باولاد سيدي ... وقد يحملون أيضا اسم الشرفاء لأنّهم انتحلوا النسب الشريف، وهم مروّجو الانتماء إلى الساقية الحمراء لدى أغلب سكّان الجزائر على الخصوص لأنّ أسلاف العائلات المرابطية في أغلبها قدموا من وطن لمتونة وجزولة ... وهؤلاء استعربوا وعرّبوا مريديهم .
(35) وهؤلاء المرابطون هم الذين مغربوا الإسلام أي أضفوا عليه طابعا خاصّا يميّزه عن إسلام الشرق الأدنى .
(36)
H. R. Idriss, « Fêtes chrétiennes célébrées en Ifriqîya à l’époqueziride (IVe siècle de l’Hégire – Xe siècle après J.-C.) ». Revueafricaine, t. XCVIII, 1954, pp. 221-276.
(37) 25
Marçais (G),Villes et campagnes d Algérie, Gouvernorat Général, Imprimerie Nationale, Paris 1958, pp. 20-
(38) أبو يزيد هو في الواقع تحريف لكلمة أمازيغية (من اللهجة الميزابية تعني صاحب الحمار) أو الذي يستعمل الحمار في تنقّلاته، ونظرا لقربها من الكلمة العربية شاعت في المصادر العربية على أنّها كنية وهي ليست كذلك، أنظر: بن يوسف (الشيخ سليمان داود) ، ثورة أبي يزيد جهاد لإعلاء كلمة الله، دار البعث، قسنطينة. ص 24 .
(39) لا نعرف تفاصيل زحف الأعراب من صعيد مصر ، ولا ريب أنّ طول الطريق يجعل الكثير من المغامرين من بربر برقة وطرابلس ينضمّون إليهم ، لأنّ هؤلاء يكونون قد استعربوا قبل وصول أولئك الأعراب لاعتبارات عديدة أوّلها أنّ بلادهم ظلّت لفترة طويلة منطقة عبور بين الشرق والمغرب .
(40) عاش ابن خلدون في القرن الرابع عشر (1332-1406) أي بعد ثلاثة قرون من وصول الأعراب إلى الشمال الأفريقي (1052) وهي فترة طويلة عرفت تحوّلات ثقافية عميقة، فكثير من القبائل التي جعلها ابن خلدون في عداد الأعراب، اعتمد على نسبها بالولاء لا على نسبها الحقيقي، إذ يكفي أن تكون عائلة نافذة في قبيلة بربرية كبيرة حتّى تعلن تلك القبيلة انتماءها إلى تلك العائلة وتتبنّى نسبها، لأنّ الفقهاء أوجدوا الأرضية لذلك بترسيخ فكرة سموّ النسب العربي، وقد لاحظنا بأنّ عبارة الأقارب والأهل تقابلها في عربية أفريقيا الشمالية عبارة: موالي، بشدّ وسكون الميم وإدغامها في الواو، فيقال: مواليه أي أهله، وهذا دليل على أنّ الانتماء بالولاء أصبح أساس القرابة.
(41) كان الأعراب في الأساس مربّي مواشي، وكانوا يستنكفون من العمل الزراعي، وقد يكون دخولهم الأرياف بغرض تحصيل الإتاوات التي فرضوها على المزارعين الذين قبلوا الولاء لهم.
(42) مثل قبيلة هوارة التي احتضنت الكثير من الأعراب وعن هذه القبيلة ينبغي الرجوع إلى كاريت في عمله الهامّ .
-
Carette, (E.), Exploration scientifique de l Algérie, migration des tribus principales
(43) يراجَع في هذا الباب عمل جان ديبوا المهمّ ، أنظر : -
Despois(J.),
(44) استعملنا هنا عبارة الاستعراب، ونقصد بها التحوّل الشعبي "الإرادي" إلى عربية شفوية شعبية، تمييزا عن التعريب الذي يعني التحوّل إلى عربية رسمية أداته المدرسة.
(45) نستغرب كيف أنّ مؤلّفي القصة الشهيرة تغريبة بني هلال يجعلون الصراع بين أعراب هلال وبربر زناتة ولم يذكروا البتّة لا صنهاجة ولا بني زيري الذين جاء أولئك الأعراب أساسا للانتقام منهم، وفي رأينا أنّ هذا يقيم الدليل على أنّ القصّة وُضعت في مرحلة متأخّرة عندما كانت زناتة تحكم المغرب الإسلامي أي في العهد ما بعد الموحّدي (بنو مرين وبنو عبد الواد على الخصوص) ممّا يدلّ على طابعها الأسطوري وأنّها لا تمتّ للتاريخ بصلة.
(46) يتميّز الاستعراب البدوي بلهجة خشنة نسمعها عند سكّان السهول العليا في الجزائر خاصّة.
(47) هناك مسألة جديرة بالاهتمام وهي أنّ الاستعمار الفرنسي ساهم في تعريب الهوية واللسان والأسماء في الحالة المدنية ففي منطقة الأوراس لا تسجّل الأسماء بصيغتها البربرية مثل موحند وامحند وآيت ... بل سجّلت بالعربية، وهذا قد يثير استغراب البعض من الذين أشاعوا فكرة الفرنسة، وأكثر من ذلك استحدثت ما أسمته المكاتب العربية التي تعني في الواقع مكاتب الأهالي، وهؤلاء الأهالي وصمتهم الكتابات الفرنسية بالعروبة، فكلّ ما هو ليس أوربيا هو عربي بالضرورة: النبات والحيوان والإنسان، والاستعمار بهذا العمل كان يرسّخ الهوية العربية، أليس نابوليون الثالث هو صاحب مشروع المملكة العربية في الجزائر.
(48) -
Marçais(W.), « Comment l’Afrique du Nord a étéarabisée », Annales de l’Institut d’études orientales d’Alger, t. IV, 1938, pp. 1-22 et t. XIV, 1956, pp. 6-17.
(49) نلاحظ أنّ لغة الحديث تختلف من ليبيا وتونس إلى الجزائر والمغرب اختلافا بيّناً، رغم تسلّل بعض المفردات والصيغ إلى الحدود الجزائرية الشرقية مثل : توّا (أي الآن) التي تقابلها كلمة ضرك لدى المستعربين في الجزائر وهي كلمة محرّفة عن دا الوقت ، أمّا في المغرب فلا تزال الكلمة البربرية دابا هي المستعملة لدى الجميع مستعربين ومحافظين.
(50) في هذا المجال يشير الأنثروبولوجيون أنّه يمكن أن نجد أمازيغ خلّصا من جهة الآباء إناثا وذكورا ولكن لا يمكن أن نجد في المطلَق عربا خلّصا لأن الأنساب اختلطت بالمصاهرة أمّا العائلات المرابطية التي لا تدخل امرأة من غير النسب المرابطي في تكوين أسرها فقد ثبت بأنّها عائلات أمازيغية وما النسب الشريف التي يلوّح به أبناؤها إلاّ نسب روحي في أحسن الحالات وهو ردّ فعل على الأعراب فإذا استعلى عليهم الأعراب بالنسب العربي ردّ عليهم المرابطون بالنسب الشريف.
(51) -
Chaker (S.), Arabisation, inEncyclopédie berbère : VI, 1989, ؛ أمّا المنطقة الشاوية فتشهد استعرابا حثيثا وأكثر من ذلك اختزل العامّة هناك الانتماء إلى الأصل الأمازيغي في اللغة توهّما منهم أنّ البربري هو من يتكلّم الشاوية لا غير وهذه الفكرة الساذجة تقودها الجماعات العشائرية والحضرية التي استعربت منذ أجيال ظنّا منها أنّ الوضع الذي هي فيه أرقى ولا يمكن لها أن ترجع إلى الوراء بعد أن حقّقت ذلك الرقي العظيم ولذلك نرى هؤلاء يصطنعون لأنفسهم الانتماء إلى المدن التي يقيمون بها مع أنّ الانتماء إلى مدينة هو انتماء إقامة وليس انتماء إثنيا أي أنّه انتماء لا يلغي الانتماء الإثني .

(كما نرجو تخصيص قسم في منتدى الحضارات للحضارة النوميدية أو الأمازيغية)









عرض البوم صور أبو آدم التونسي   رد مع اقتباس