المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاكتشافات الأثرية الإسلامية في القيروان تثري الخيال وينسج البعض حولها الأساطير


بوليلة
08-12-2011, 10:39 PM
تونس: عبد الباقي خليفة
تتميز مدينة القيروان (150 كيلومترا جنوب غربي تونس) بكونها أول مدينة إسلامية في أفريقيا، وبكثرة معالمها الإسلامية الخالدة والتي يتجاوز عددها المائة معلم، منها 15 معلما مشهورا، كجامع عقبة بن نافع، ومقام الصحابي الجليل أبي زمعة البلوي، وفسقية القيروان، وأسوارها العالية بأبوابها المهيبة، ومتاحفها الغنية ومنها متحف رقادة، ومتحف عقبة، ومتحف سيدي عمر عبادة، بمبانيه التراثية الرائعة التي تحفظ البرودة صيفا والحرارة شتاء لسمك جدرانها. وفي المدة الأخيرة أعلن عن اكتشاف أثري ضخم لا يزال تحت الدراسة والتقويم. وتنتشر شائعات كثيرة وصلت إلى وسائل الإعلام المحلية التي لم تتجشم عناء البحث وسؤال أهل الاختصاص. ولذلك انتشرت شائعات كثيرة حول اكتشاف مسجد أثري تحت جامع «المصلى» أو ما يعرف بـ«جامع نقرة» بوسط القيروان، ومن ذلك «وجود نفق يربط قلب المدينة بضاحية رقادة» و«اكتشاف عين ماء جارية» بل «كنوز تم الاستئثار بها من قبل مجموعة قليلة» وقد دارت أحاديث كثيرة حول وجود كنوز، في المنطقة الأثرية منذ عدة عقود ولا تزال الاتهامات تتوالى دون وجود أدلة تدعم الإدعاء أو يقين يثبت النفي. وقال رئيس جمعية صيانة مدينة القيروان ومدير المخبر الوطني التونسي لترميم المخطوطات الدكتور مراد الرماح لـ«الشرق الأوسط»: «الموقع الأثري المكتشف هو في الأصل، ماجن، ( مجمع ماء) بني في العهد الحفصي في القرن الخامس عشر ميلادي التاسع هجري، حيث عرفت القيروان نهضة عمرانية»، وتابع «تشير المصادر إلى أن باب الجلادين (أحد شوارع القيروان التراثية الجميلة) كان به غدير، يعرف بغدير باب الجلادين، وذلك لأن القيروان من المدن التي كانت تشكو من نقص المياه وتاريخ القيروان هو تاريخ النضال من أجل معالجة نقص المياه وليس أدل على ذلك من إقامة برك الأغلبية (نسبة للأغالبة) وإقامة عديد البرك العظيمة التي تعبر عن معركة هذه المدينة ضد القحط، كما تعبر عن جهد ضخم لإيجاد الحلول للمشكلات التي تعرضت لها المدينة في السابق، إضافة لعبقرية القيروان في استخراج المياه، لأن إيجاد الماء ليس مسألة سهلة في مدينة كبيرة فقد كانت رابع مدينة في منطقة البحر الأبيض المتوسط في العهدين الأغلبي والصنهاجي من حيث عدد السكان». وعن سر العناية بمهندسة تجميع المياه في تاريخ القيروان أفاد: «لأنه ليس لها أنهار وليس لها عيون ماء فالحل هو في استدراج مياه الأمطار، وتاريخ القيروان هو تاريخ نضال حتى إن اليعقوبي في كتابه (البلدان) يصف القيروان بأنها مدينة المواجن (جمع ماجن وهي البرك الاصطناعية المهيأة بشكل جيد لتجميع مياه الأمطار ومنع تسربها) فقد كانت المدينة في عمل دؤوب لإنشاء المواجن، والبرك، حتى إن عبد الله المهدي لما وصل أفريقية قال رأيت أمرين بأفريقية لم أرهما في المشرق الحفير، ويقصد بركة الأغالبة، وقصر البحر برقادة (إحدى ضواحي القيروان) وهو ليس قصرا وإنما بركة عظيمة شبهت بالبحر». وأردف «ما أبهره هو عبقرية السكان في استدراج الماء، إذن هو نضال متواصل للحصول على الموارد التي أصل الحياة، الماء. ولذلك يمكن القول إن الاكتشاف الأخير، هو ماجن لاستدراج والاحتفاظ بمياه الأمطار، وفوق الماجن كان يوجد مصلى، يسمى مصلى العيدين، يؤمه أهالي القيروان في صلاة العيدين» وواصل قائلا «كانوا يتجمعون في هذا الموقع ولنا ما يثبت ذلك، فمنذ العهد الحفصي كانت هناك طريقة لتجميع وتخزين مياه الأمطار وهذه الطريقة كانت سائدة في أفريقية (تونس حاليا) في صفاقص وفي الساحل. في الأربعينات أراد مجموعة من السكان إقامة جامع عند المصلى فجمعوا التبرعات وبدأوا ببناء الجامع وعند حفر الأساس تبين لهم وجود هذا الماجن فاستغلوا الأعمدة التي قام عليها الماجن لبناء الجامع، فالعملية الهندسية كانت تواصلا مع البناء السفلي الذي يمثله الماجن». وعن طريقة العثور على المعلم الأثري قال «عملية الكشف عن الماجن تمت عندما بدأت عملية ترميم الجامع، والبحث عن مصدر الرطوبة التي كست جدرانه، ففتحوا الأرضية وعثروا على الماجن الذي كان معروفا لدينا، وأعلنوا عن وجود جامع في أسفل جامع المصلى المعروف بجامع نقرة. وبالنسبة لعامة الناس هو اكتشاف جديد وبالنسبة لنا هو استكشاف لمعلم مائي أقيم فوقه الجامع وعند ترميم الجامع استكشف ما تحته». وعما يجري حاليا أفاد «الآن هناك محاولة لتدعيم أسس هذا الجامع والأعمدة والقباب» وحول ما إذا كانت هناك دلائل تؤكد أن ما عثر عليه هو ماجن لجمع الماء وليس مسجدا كما يعتقد الكثير من الناس أوضح أن «بركة الأغالبة بها ماجن يتسع لـ900 متر مكعب، والماجن المكتشف يحمل نفس الهندسة، هذه هندسة مائية كانت معتمدة في العهد الإسلامي، حتى إن بعض المساجد والرباطات اعتمدت أيضا الهندسة المائية». وأضاف «الدليل على أنه ماجن الماء الذي وجد فيه، وهو ماجن ضخم يتسع لـ2500 متر مكعب، وفي حالة الحديث عن مسجد تحت الأرض فمعنى هذا أن هناك مدينة أخرى تحت مدينة القيروان، وهذا مستبعد». وعما يقال من وجود نفق تحت الأرض يربط المنطقة بأخرى خارج المدينة الإسلامية ووجود كنوز، ذكر الرماح أن ذلك لا يمكن التسليم به في الوقت الحالي «لا يمكن التسليم بوجود قناة تربط القيروان برقادة، وكيف يعقل وجود كنوز في برك ماء، وكل هذا مسيء للتراث، ومسيء لمصداقية الرأي العام، وبخصوص وجود عظام بشرية، فيمكن أن شخصا قتل هناك بسبب الإهمال الذي طرأ على المعلم، وكيف يمكن بقاء هيكل عظمي في الماء. كل هذا يستدعي التأني للتعرف على حقيقة ما تم العثور عليه». وبخصوص الأهمية التاريخية لمسجد المصلى أو نقرة، قال «مسجد المصلى لا يكتسي أهمية تاريخية لأن بناءه كان في الخمسينات ولكن وجود الماجن أكسبه بعدا تاريخيا كبيرا ولا بد من التحري في طريقة الترميم والمحافظة عليه حتى لا تقع الإساءة للمعلم المائي الذي يوجد أسفله». وبخوص المعلم الذي زارته «الشرق الأوسط» والذي يحمل الكثير من الشبه بالمساجد أكد الرماح على أن ذلك الفن يستخدم أيضا في بناء مواجن الماء «نحن كأهل اختصاص نعلم كيف كانت الهندسة المائية الإسلامية، مثل ماجن السفرا في سوسة والذي يعود إلى العهد الأغلبي وربما إلى ما قبل ذلك، وفسقية الأغالبة في القيروان، وهناك مواجن وبرك أخرى في سوسة، مواجن نوردين، وكذلك في المهدية، نحن نعرف كيف كانت المواجن الإسلامية، ولنا مقاييس في التعرف على نوعية البناء ولا نشك لحظة في ذلك، وحتى العقد المتقاطع هو مثال لما كان سائدا في العمارة الإسلامية وما بني في القرن العشرين هو تواصل مع المدرسة الإنشائية القيروانية» وحول تسجيل القيروان كمدينة ضمن التراث العالمي شدد على أن «القيروان مسجلة في التراث العالمي كمدينة أثرية ليس لأن بها معالم تعود للقرن التاسع أو العاشر الميلادي بل لتواصل المدرسة المعمارية من ذلك الوقت إلى القرن العشرين».

بروفيسور بلهاوي
08-12-2011, 10:58 PM
موضوع رائع يا صديقي .

تستحق عليه الشكر واتحفنا بالمزيد

بوليلة
08-12-2011, 11:00 PM
مشكور على المرور بروفيسور

سرجيلا
08-12-2011, 11:49 PM
مشكور أخي بوليلة على الموضوع المميز

بوليلة
09-12-2011, 12:06 AM
يعطك العافية أخي سرجيلا

فارس الوطن
14-12-2011, 12:10 AM
موضوع رائع جزاك اللله خيرا.....

وحيد الجزيرة
14-12-2011, 11:57 AM
موضوع جميل اخي ابو ليله بارك الله فيك

نسر الجبل
14-12-2011, 02:19 PM
موضوع ولا أروع ....تحية عالية أخي .

ابوتركي الحازمي
14-12-2011, 02:33 PM
بوليلة أكتشاف يستحق النقل مشكور مع خالص تحياتي لجنابك

بوليلة
14-12-2011, 06:05 PM
هلا بأبو تركي الغالي
أنقل كما تريد أخي

عالي مستواه
08-01-2012, 12:59 PM
موضوع جميل