المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة


زهره
12-07-2009, 06:32 PM
http://www.moci.gov.bh/en/media/Media,2751,en.jpg

لقد كان عهد الشيخ عيسى بن علي متوجاً بالترابط الوثيق بين الحاكم وشعبه .. فهم الذين أجمعوا على محبته وترجموا هذا الاجتماع بدعوته ليكون أميراً عليهم، فبادل هذا الإجماع بالإخلاص والوفاء وكان رحمه الله مثالا للعدالة والنزاهة والالتزام بمبادئ الدين السمحة .. فقاد البلاد بكل جدارة لاجتياز التحديات الحضارية التي كانت تواجهها وهى تخطو خطواتها الواثقة نحو ترسيخ وتأصيل الأسس الحديثة للدولة وتستعد باقتدار لاحتواء توجهات المستقبل.

الموقع :

يقع بيت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة في قلب العاصمة القديمة مدينة المحرق في الطرف الشرقي جهة الشمال من امتداد شارع الشيخ عبدالله وتحيط به من الجوانب الأخرى طرق فرعية. كما يجاوره في الشرق جامع الشيخ عيسى بن علي.

تاريخ بناء البيت :

شيد هذا البيت حوالي سنة 1800 ميلادية وهو من أقدم البيوت التي بنيت في مدينة المحرق وقد بناه الشيخ حسن بن عبدالله بن أحمد الفاتح خلال فترة حكم والده الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة للبحرين وتوالى على سكنه أبناؤه وأحفاده ثم سكنه بعد ذلك الشيخ عيسى بن علي -الحاكم السابع من أسرة آل خليفة الكرام- واتخذه مقرا لحكمه وذلك من سنة 1869م، إلى أن انتقل إلى جوار ربه سنة 1932م حيث حكم البحرين مدة 63 سنة.

وخلال هذه المدة لم يضف على البيت سوى مبنى في وسطه يتألف من غرفتين تتصل أحداهما بالأخرى ، ويعلو الغرفة الأولى برج مستطيل الشكل يتلقى تيارات الهواء ، ويحولها إلى داخل الغرفة فيبردها ويلطف جوها وطريقة التكييف هذه طريقة عملية شائعة في البحرين وفي غيرها من دول المنطقة ، علاوة على ذلك يمتاز البيت بأجنحته ، وبنقوشه ذات الطراز البحريني .

وصف البيت :

يمتاز البيت بالبساطة في التخطيط والتصميم المعماري، وبنقوشه الجصية ذات الطراز البحريني، كما ويمكن ملاحظة ضخامة حجم الجدران التي يزيد سمكها على المتر كما يمتاز باستخدام المواد البسيطة والمتوفرة محليا كالحجارة البحرية والجص والنورة وجذوع النخيل بالإضافة إلى الدنجل والمنقرور والبمبو والتي استوردت من الهند والبصرة، هذه المواد التي بنيت بها الجدران جعلت البيت في تكيف مستمر مع ظروف المناخ، ففي الصيف تحافظ الحجرات على البرودة ولا تسمح بتسرب حرارة الشمس داخلها وفي الشتاء تلعب جدارن الحجرات دورا كبيرا في إبقاء الحجرة دافئة. ويتألف البيت من أربعة أجنحة يتوسط كل جناح حوش مفتوح بالإضافة إلى ست حجر تقع في الطابق العلوي.

أجنحة البيت وأقسامه :

الدهليز الرئيسي : يلي باب المدخل مباشرة ويتصل به وهو مسقوف وعلى الجانب الأيمن منه يمكن ملاحظة الدكة التي تستخدم للجلوس وفي مواجهة المدخل توجد فتحة السراج ( الفنر ) الذي يضيء الدهليز في الليل ويؤدي إلى حوش جناح العائلة.

1 ـ جناح العائلة : يؤدي الدهليز الرئيسي إلى حوش العائلة والذي يعتبر أكبر أحواش البيت مساحة، في جانبه الجنوبي الشرقي بئر الماء (الجليب) وموجود مثيلات له في حوش الخدم والضيوف ويستخدم ماؤه للغسيل وفي بعض الحالات للطبخ تحيط بحوش العائلة حجرات المعيشة من جهة الشمال وأيضا حجــرة كبيرة تسمى محليــا (لقعود) جهة الغــــرب يعلوها (البادكير) (صفق الهوا) وهو برج مستطيل الشكل مفتوح من جميع الجوانب يقوم بعملية تكييف هذه الحجرة حيث تلتقي به تيارات الهواء من جميع الجهات وهذه الطريقة من التكييف شائعة في البحرين ونسمات الهواء النقية التي تنزل من خلال فتحات البادكير (صفق الهوا) تضيف لهذه القاعة أهمية، الحجرة تتصل بها وتفتح عليها حجرة كبيرة تشكل معها قاعة كبيرة استخدمت لجلوس الشيخ واجتماعه مع أبنائه وأحفاده، وهذا القسم أضيف على البيت خلال فترة استخدام الشيخ عيسى بن علي للبيت. أما الواجهة الجنوبية من هذا الحوش فيوجد بها ليوانان يمتازان بجمال الأقواس التي تشكل واجهتهما، وهما مفتوحان لاستقبال هواء الشمال اللطيف ويستخدمان في بعض الأحيان لجلوس النسوة من أهل البيت. وملحق بالليوان الشرقي حجرة صغيرة استخدمت لصنع القهوة وفي الواجهة الشرقية توجد حجرة صماء استعملت مخزناً.

2 ـ جناح الشيخ : من الممر الغربي الذي ينفذ من حوش العائلة يمكن الوصول إلى جناح الشيخ الذي يتوسطه حوش أصغر وتطل عليه جهة الشمال حجرة الشيخ التي يستخدمها في فصل الشتاء وتتصف بجمال بابها والنقوش التي تحيط به. وجدران الحجرة تحتوى على مجموعة من الفتحات تسمى رواشن تستخدم لوضع آواني الزينة الزجاجية والمنافيض وغيرها، وعلى يمين باب الحجرة من الداخل يمكن ملاحظة الحمام المرفق بها والذي يستخدم لحجرة مجاورة لأبناء الشيخ وفي الجانب الشرقي من الحوش باب يؤدى إلى حجرة المعيشة التي تتصل بالحجرة التي يقع فوقها (البادكير)، (صفق الهوا) ويقابل حجرة الشيخ ليوان مفتوح محمول على قوسين متماثلين. وفي طرف الليوان الشرقي يوجد ممر ضيق مسقوف ينفذ إلى المرافق الخاصة بجناح الشيخ يتصل به سلم صغير تطل عليه حجرة صغيرة استخدمت كمخزن لجناح الشيخ، ويستخدم الشيخ هذا السلم للوصول إلى حجرته في الطابق العلوي.

3 ـ جناح الخدم : من الممر الضيق والمسقوف الواقع في الجهة الشرقية من حوش جناح العائلة يمكن الوصول إلى جناح الخدم والذي يحتوي على مطابخ يمكن للزائر أن يلاحظ بعض الواجهات لجدرانها القديمة ويتوسط هذا الجناح حوش صغير يوجد في جانب منه بئر الماء (الجليب) وفي الجانب الشمالي توجد حجرتان استخدمتا كمخازن للمؤونة (الماجلة) ويوجد باب للمخزن الغربي يطل على المدخل الرئيسي مباشرة وذلك لتسهيل عملية توصيل ما تحتاج له المخازن من مؤن دون المرور داخل البيت. ويقوم هذا الجناح بدور كبير في خدمة أهل البيت كافة من خلال المنافذ التي تطل منه على حوش العائلة والضيوف والدرج للساكنين في الطابق العلوي.

4 ـ جناح الضيوف : المطبخ الجنوبي به باب يتصل بممر مكشوف يمكن للزائر المرور منه للوصول إلى جناح ضيوف الشيخ ويتكون من حوش يتوسطه بئر للماء (جليب) وفي واجهته الشمالية توجد ثلاث حجرات صماء الوسطى منها تحتوي على نوافذ تطل على الحوش استخدمت هذه الحجرات لسكن ضيوف الشيخ في فصل الشتاء وفي الواجهة الجنوبية يوجد ليوان استخدم كمجلس للشيخ وضيوفه وفي الواجهة الغربية توجد حجرة صغيرة. ويطل على حوش الضيوف سلّمان أحدهما يقع في الزاوية الشمالية الشرقية وله باب كبير والآخر يمتد على واجهة الجدار الغربي واستخدما للوصول إلى حجرات الضيوف في الطابق العلوي وهذا الجناح له مدخل خاص يقع في زاوية البيت الجنوبية الشرقية يتصف بجمال الوحدات الزخرفية الجصية التي تزين حاشية القوس الواقع فوق الباب والذي يؤدي إلى دهليز يطل على حوش الجناح.

الطابق العلوي :

تتوزع غرف الطابق العلوي والبالغ عددها ست غرف على سطح البيت واستخدمت في الغالب خلال فصل الصيف، والسطوح المكشوفة التي تصل بين الغرف استخدمت للنوم وللجلوس في ليالي الصيف ويمكن الوصول إلى غرف الطابق الأول من خمسة سلالم موزعة على أجنحة البيت.

1 ـ الطابق العلوي بجناح الشيخ : يمكن الوصول إليه من السلم الصغير الواقع في الطرف الجنوبي من جناح الشيخ ويتكون من غرفتين واحدة تقع في الزاوية الجنوبية وتتصف بدقة النقوش الجصية التي تزين واجهاتها من الداخل والخارج ويمكن الدخول إليها من خلال باب يتصل بليوان استخدمه الشيخ للجلوس مع أفراد أسرته وهو مفتوح من الأعلى يسمح لحركة الهواء اللطيف بالمرور بداخله وفي جانبه الأيمن كان يوجد سلم خشبي يصعد عليه الشيخ عيسى بن علي لملاحظة حركة السفن في بعض الأحيان.

وفي الزاوية الشمالية الغربية من هذا الطابق توجد غرفة استخدمت لسكن أبناء الشيخ صيفا وتمتاز بجمال النقوش الجصية التي تزين القوس المؤدي لها بالإضافة إلى نقوشها المتنوعة التي تتمثل في واجهة جدرانها من الداخل والخارج والحواجز الخشبية التي تغطي واجهات النوافذ المطلة على الطرق الخارجية من البيت والتي تتصف بالدقة في تنفيذ زخارفها الهندسية والنباتية حيث أحكم الفنان والصانع تنفيذ وحداتها الزخرفية بحيث أصبحت تحفاً قائمة بذاتها بالإضافة إلى ذلك فهي تسمح بالرؤية منها بشكل واضح لما يحدث من حركة خارج البيت ولا يمكن لمن هو خارج البيت أن يطلع على ما يدور بالداخل.

وينفذ من الغرفة باب يقع في زاويتها الجنوبية الغربية يتصل بممر ضيق يسع لمرور شخص واحد ويؤدي إلى حمام بسيط يقع في الزاوية الجنوبية من هذا الطابق. ومن خلال السلم الواقع خلف البرج الهوائي (البادكير) (صفق الهوا) يمكن الوصول إلى هذا الطابق من جناح الشيخ والذي يؤدي أيضا إلى سطح مكشوف يحده من الشمال جدار يسمى محليا (وارش) يتكون من سلسلة متصلة من الفتحات التي تسمح بمرور هواء الشمال اللطيف وتسمى (باكير الوارش) ويطل هذا السطح على حوض العائلة والذي يمكن للزائر منه أن يلاحظ جمال التخطيط المعماري والفني لواجهات غرف جناح العائلة.

2ـ الطابق العلوي بجناح الضيوف : يمكن الوصول إليه من خلال السلّمين المتصلين بحوش جناح الضيوف ويتكون من ثلاث غرف تتصف بالبساطة والجمال في تصميمها حيث أحيطت واجهاتها من الداخل بمجموعة من الرواشن والنوافذ وذلك لفتحها في فصل الصيف واستقبال الهواء الرطب البارد منها ولقد زينت هذه النوافذ بتيجان على شكل أقواس تسمى (كمر) تحوي وحدات زخرفية هندسية مطعمة بزجاج ملون تضفي أشعة الشمس المتسربة منها على داخل الغرفة الجنوبية الشرقية رونقا وجمالا متميزا خلال فترة حركة الشمس خلال النهار ولقد استخدمت هذه الغرف لسكن ضيوف الشيخ في فصل الصيف.

الطابق العلوي بجناح الخدم :

من خلال السلم الواقع في جناح الخدم يمكن الوصول إلى السطح الواقع فوق غرف المطابخ حيث توجد غرفة مسقوفة ومفتوحة من الأعلى من خلال الأقواس الجميلة التي تحمل سقف هذه الغرفة ويمكن الوصول إليها من خلال جسر ضيق يصل ما بين سطح جناح الضيوف والسطح الواقع فوق المطابخ.

ونظرا للأهمية التاريخية والقيمة التراثية لهذا المعلم الحضاري الذي شهد فترة من أزهى الفترات في تاريخ البحرين الحديث اتجهت أنظار الدولة إليه متمثلة في وزارة الإعلام التي قامت بإحياء هذا البيت والمحافظة عليه وتقديمه للأجيال القادمة وبتحويله إلى معلم سياحي يعيش من خلاله الزائر ذكريات ونفحات تاريخ الأجداد والسلف يتنفس معهم حياتهم وحضارتهم المتجسدة في كل ركن من أركان البيت وفي كل حجرة أو حوش وفي كل تفصيلة من الوحدات الزخرفية.. أنه نفحات الأمس لأجيال قادمة.